الإحصاء في السعودية- أرقام تصنع مستقبلًا واعدًا

المؤلف: هيلة المشوح10.19.2025
الإحصاء في السعودية- أرقام تصنع مستقبلًا واعدًا

كنتُ أحد المدعوين من قِبل الهيئة العامة للإحصاء لحضور ملتقى تعريفي شامل، يُلقي الضوء على إنجازات الهيئة وخططها الطموحة لعام 2025 القادم. والحق يُقال، لم يكن الحدث مجرد اجتماع روتيني؛ بل كان تجربة فريدة غيّرت نظرتي للكثير من المفاهيم المغلوطة، ورسّخت قناعتي الراسخة بأهمية الدور المحوري للإحصاء في حياة كل مواطن سعودي.

جلستُ بين ثلة من الإعلاميين وكُتّاب الرأي الموقرين، نصغي بانتباه لرئيس الهيئة، الدكتور فهد الدوسري، الذي تحدّث بثقة واتزان، وكأنه فنان ماهر يرسم بكلماته لوحة بديعة، تُجسد كيف يمكن للأرقام أن تتحول إلى لغة نابضة بالحياة، تشارك بفاعلية في رسم ملامح مستقبل المملكة الزاهر.

لقد فاق «ملتقى الإحصاء» توقعاتي، وتميّز عن غيره من اللقاءات الرسمية الاعتيادية. ولم يكن تقدّم المملكة الملحوظ في مؤشرات الأداء الإحصائي على المستويين الخليجي والعربي، أو وصولها إلى المرتبة الرابعة عشرة بين دول مجموعة العشرين، هو الأمر الوحيد الذي أثار إعجابي؛ بل شعرتُ بأنني أمام قصة نجاح ملهمة، وأن الأرقام التي استعرضها رئيس الهيئة تحمل بين طياتها رسالة أعمق، مفادها أن بلادنا، بفضل دعم قيادتنا الرشيدة ورؤية 2030 الطموحة، لم تكتفِ بمجرد المنافسة، بل سعت جاهدة إلى إعادة صياغة مفهوم الإحصاء ذاته، ليصبح أساسًا متينًا لاتخاذ قرارات مستنيرة ورسم سياسات مؤثرة.

عندما أعلن الدكتور فهد الدوسري عن إطلاق «مختبر الابتكار الإحصائي»، تأملتُ مليًا في جوهر هذه الدعوة الصريحة إلى الإبداع والتفكير الخلاق؛ فهو يُمثل نقلة نوعية، من مجرد استخدام البيانات كأداة وصفية إلى استخدامها كأداة استشرافية، وهذا التوجه سيُحدث تغييرًا جذريًا في طريقة تعاملنا مع الإحصاءات. وبالتالي، فإن هذا المشروع يتجاوز حدود الهيئة العامة للإحصاء ليصبح مشروعًا وطنيًا شاملًا، يدعونا جميعًا إلى إعادة تقييم كيفية الاستفادة من البيانات في خدمة مجتمعنا.

لقد كان الحديث عن الشفافية وإتاحة البيانات للجميع من الركائز الأساسية التي ارتكز عليها هذا اللقاء القيّم. وكواطنة غيورة على مصلحة وطني، أؤمن بأن الشفافية هي حجر الزاوية في بناء الثقة.

ومما زاد اللقاء التعريفي تألقًا، هو أن الهيئة العامة للإحصاء لا تعرض الأرقام كمجرد بيانات جامدة، بل كجسر حيوي يربط بين المواطنين وصناع القرار. وشعرتُ بأن هذه الخطوة هي دعوة مفتوحة لكل فرد ليكون شريكًا فاعلًا في مسيرة التنمية الشاملة، بالإضافة إلى سعي الهيئة الدؤوب إلى تطوير أدائها المؤسسي، لجعل الإحصاء لغة مفهومة ومتاحة للجميع، بل والاستفادة منها في شتى مجالات حياتنا، وهذا هو جوهر التميز.

بعد انتهاء فعاليات اللقاء، انتابتني بعض التساؤلات المشروعة، التي ربما يشاركني فيها الكثيرون، وهي: كيف يمكننا كمواطنين الاستفادة القصوى من هذه الأرقام؟ وكيف يمكننا أن نكون جزءًا من هذا التحول الإيجابي؟ فبالنسبة لي، الأرقام لم تعد مجرد أدوات تقنية حبيسة المكاتب، بل أصبحت شريكًا أصيلًا في حياتنا اليومية، فكل قرار نتخذه، وكل تغيير نطمح إليه، يعتمد بشكل أساسي على هذه البيانات التي أصبحت حجر الزاوية في بناء مستقبلنا.

وختامًا، كان هذا اللقاء بمثابة درس قيّم، غيّر نظرتي تمامًا إلى البيانات، وجعلني أؤمن بأنها قوة إيجابية قادرة على إحداث التغيير. وأدركتُ أيضًا أن الأرقام ليست محايدة كما تبدو، بل تحمل في طياتها إمكانات هائلة لصنع الفارق، إذا ما أُحسن استغلالها. ورأيت في فريق الهيئة وقياداتها طموحًا جموحًا يتجاوز كل التوقعات، وإصرارًا على أن تكون المملكة نموذجًا عالميًا يحتذى به في جمع البيانات، وفي تحويلها إلى قرارات رشيدة تُحدث نقلة نوعية في اقتصادنا، وترتقي بجودة حياتنا، وتحقق رفاهيتنا، والأهم من ذلك، تصنع مستقبلًا مشرقًا لأجيالنا القادمة.. والشكر موصول للهيئة العامة للإحصاء على هذه الجهود المتميزة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة